كيف تحصلين على زوج مناسب؟
الزواج سنة من سنن الأنبياء والمرسلينالذين هم صفوة البشر، وقد امتدحهم الله عز وجل في كتابه العزيز حيث قال: {وَلَقَدْأَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةًوَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍكِتَابٌ} [الرعد: 38]
وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحث على ذلكاستزادة في النسل لقوله صلى الله عليه وسلم: «النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتيفليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليهبالصيام فإن الصوم له وجاء».
ومن أسباب الترغيب في الزواج: الخوف من الفسادسواء للمرأة أو الرجل، وقد أمر صلى الله عليه وسلم بقبول صاحب الدين والخلق لقولهصلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكنفتنة في الأرض وفساد عريض».
ويهدف أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم إلىالحصول على الولد عن طريق النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطععمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له».
وقد كانعامة المسلمين يعملون بما هم مأمورين به من الله سبحانه وتعالى ومن نبيه الكريمعندما كان الدين أساس حياتهم، ولكن مع التغيرات التي شهدها المجتمع ودخول الثقافةالغربية إلى حياة الناس وسيطرة المظاهر عليهم حتى أثرت على مجرى حياتهم، أصبحالزواج بالنسبة للأغلبية مظهرًا اجتماعيًا أكثر مما هو عليه كمطلب شرعي، فالمرأةتبحث عن صاحب المركز المرموق أو المال الوفير، والرجل وضع جل همه في المواصفاتالشكلية فقط، فأصبحت المرأة ترفض هذا وترد ذاك، وسنوات العمر أسرع من قرارها البطيءالذي لم تتخذه بعد حتى إذا أدركت فداحة خطأها وإذ الباب مغلق وما من طارق له، أماالرجل وبحثه عن الحسن والجمال فيضيع أيضًا الكثير من سنوات عمره حتى إذا ظفر بمايريد تفاجأ فيما بعد بالكثير مما لا يريد، فكان الندم مصيره والعودة من جديد للبحثوالتنقيب عن الزوجة المناسبة.
وحيث إن تأخر الزواج وكثرة الطلاق قد أصبحتظاهرة في مجتمعنا الإسلامي نتج عنها الكثير من النساء دون أزواج يرعون مصالحهن،والبعض من الرجال دون زوجات يعتنين بهم، فقد أحببت أن أوضح بعض أسباب هذه الظاهرةوبعض الأخطار المحدقة بالجنسين من جراء البقاء دون زواج وأبين لنساء المجتمعوفتياته بعض الطرق الصحيحة التي يمكن من خلالها الحصول على زوج منساب يرعاها ويحافظعليها وتسعد به.
يتــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــبع
من أسباب تأخر الزواج
ينبغي للمرأة المسلمة وأهلها أن يسبقوا الأحداثفيعرفوا أسباب العنوسة وخطورتها، والآثار السيئة لبقاء المرأة ثيبًا أو بكرًا بدونزوج صالح يرعاها ويهتم بأمرها ويحافظ على سترها وعفافها، فيتجنبون أسباب العنوسةوبقاء المرأة بلا زوج، حتى لا يصعب علاج المشكلة أو يتعذر تمامًا لا قدرالله.
ومن أبرز أسباب بقاء المرأة بلا زوج أو تأخر ذلك مايلي:
1-غلاء المهور وتكاليف الزواج المادية التي يمكن أن يستغنى عن الكثيرمنها، وليس هو من صميم تكاليف الزواج، فكم من شاب تراجع عن إتمام هذا الأمر بسببالمبالغة في التكاليف والإسراف في الكماليات، وفي الحديث: «أعظم النكاح بركة أيسرهمؤنة».
2-عضل الأولياء: طمعًا في الخدمة أو الخوف على الراتب، فأحيانًا تكونالأسرة بحاجة على خدمة المرأة في رعاية مريض أو أيتام صغار ونحو ذلك، فيرفضونتزويجها في الوقت المناسب، ولن يمكن الجمع بين ذلك وبين الزواج من شخص يمكن أن يقبلبذلك الوضع احتسابًا للأجر، خاصة عندما يعلم أن المرأة متمسكة ببرها بوالديها أوبأطفالها الأيتام، وقد يحرص عليها الزوج الصالح ويجعلها في سكن قريب من والديها أويرضى يتحمل مسؤولية الأيتام والإشراف على شؤونهم، فالمهم أن لا تبقى المرأة بدونزوج أو ذرية حتى إذا انتهت حاجة والديها أو أطفالها وإذا القطار قد فات ولا ينفعالندم.
3-تأخير سن الزواج بحجة إكمال الدراسة للفتاة أو الحصول على وظيفةللشاب، مع أن الفتاة تستطيع أن تجمع بين الدراسة والزواج، وكلما كان زواج الفتاةمبكرًا كان أفضل لها مع محاولة التنسيق في حياتها بين بيتها ودراستها، ففرصة الزواجمن رجل كفء تكون مع صغر السن أكبر خاصة مع وجود بعض الخطاب الذين لا يمانعون منمواصلة الزوجة للدراسة.
أما بالنسبة للشاب فباستطاعة الكثير منهم الزواج قبلالوظيفة إذا كانت الأسرة ميسورة الحال أما أثناء الدراسة فبإمكان الشاب التوفيقوذلك بالعمل في وقت الفراغ فيحسن دخله من خلاله فقد قال تعالى: {وَأَنكِحُواالْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوافُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32]
4- الطموح الزائد والطمع في كمال المواصفات للطرف الآخر، فالفتاة تضع فيمخيلتها أنه بالإمكان الحصول على شاب كامل المواصفات من وسامة وشهادة عالية ومركزمرموق، ويكون ابنًا لأسرة معروفة، ولم يسبق له الزواج، ونتيجة لهذه الأحلام يكثرالرد والرفض حتى تكبر وتقل فرصتها للزواج مع كبر سنها نسبة ما تريد من مواصفات فيمنيتقدم لها وهكذا.
ونجد الشاب في المقابل يطلب المواصفات الكاملة في شريكةحياته، فهو يريدها جميلة مثقفة ومتعلمة ومن عائلة معروفة، ولا نعترض على الطموحولكن القناعة مطلوبة في مثل هذه الأمور خاصة عندما يمعن الواحد منهم النظر في نفسهوفي مواصفاته وأنه غير كامل فالكمال لله وحده.
5-الزواج من غير بنات البلدبحجة قلة التكاليف مقارنة بالتكاليف القائمة حاليًا في المجتمع، مع العلم بأنهسيوجد امرأة بدون زواج مقابل كل زوج من خارج البلد، فقد انتشر الزواج من غيرالمواطنات في الآونة الأخيرة، مع تناسي ما يترتب على هذا الزواج من مشاكل تؤثر علىالمجتمع بصورة عامة، وعلى الرجل نفسه بصورة خاصة وبالذات إذا نتج عن هذا الزواجأطفال وحدت خلاف فيما بعد فالخلاف مع بنت البلد أهون من غيرها، لأنه على أقل تقديرسيكون بالإمكان رؤية الأطفال والإشراف عليهم من قبل أحد الوالدين، مع إمكانية رؤيةالآخر لهم في بعض الأوقات، أما الزوجة إذا كانت من دولة أخرى فستكون نتيجة الطلاقحرمان الأطفال من الأم أو من الأب إلى الأبد.
6-الخوف من الفشل في ظل عددالزيجات الفاشلة، وذلك بمقارنة نسبة الطلاق إلى العدد الأصلي للزيجات والأفضل فيهذه الحالة النظر أيضًا إلى الكثير من النماذج من الزيجات الناجحة وقد نهى النبيصلى الله عليه وسلم عن التشاؤم ويجب على الإنسان أن يرضى بقضاء الله وقدره،فأحيانًا تكون الذنوب التي يرتكبها الإنسان والمعاصي التي يقوم بها سببًا في فشلالزواج وحصول الطلاق مثلما يكون أحيانًا بسب الرجل فأيضًا تكون المرأة سببًا فيوقوعه.
يتـــــــــــــــــــبع
من أخطار بقاء الفرد المسلم دون زواج
إن كل ما شرعه الله سبحانه وتعالىلعباده فيه الخير والمصلحة لهم، ومن ذلك: النكاح لما له من فوائد تعود على الفردوالمجتمع بالخير، وبناءً على ذلك فإن عدم إقامة شرع الله في أي أمر من الأمور لهأضراره على أفراد والمجتمع، ومن ذلك تأخر زواج بعض الأفراد أو حتى بقاؤهم دون زواج،وتبرز مخاطر ذلك فيما يلي:
1-الفساد الأخلاقي وانتشار الرزيلة من أبرز مخاطربقاء الأفراد دون زواج، حيث إن الله سبحانه وتعالى قد وضع غريزة الجنس في الرجلوالمرأة، وأوجد سبحانه طرقًا شرعيًا لإشباعها وهو الزواج، فعندما يبقى الرجل أوالمرأة دون زواج فسيحاول كلاً منهما إلا من رحم الله البحث عن طرق غير شرعيةلإشباعها في ظل زواج المغريات وانتشار الفتن التي يتعرض لها الفرد في حياته اليوميةمن خلال وسائل الإعلام المتعددة وانتشار ظاهرة التبرج والسفور وكثرة السفر إلى بلادالكفار ونحوها.
2-وقوع أفراد المجتمع من الجنسين في الأمراض النفسية وتعرضهمللاضطرابات العاطفية، فالعانس والأعهداك الله هم أكثر عرضة لذلك من جراء الوحدة القاتلةووجود وقت الفراغ وعقد المقارنات بينهم وبين الآخرين وحاجة كل منهما الملحة لوجودالأطفال لتحقيق الأبوة والأمومة والاستقرار في بيت الزوجية فكل منهما بحاجة إلىالطرف الآخر للتوازن النفسي من خلال المودة والرحمة التي يزرعها الله تعالى في قلبكل منهما للآخر، وكل ذلك لا يتم إلا من خلال الزواج لقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِأَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَبَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍيَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]
3-قلة النسل وضعف الأمة المسلمة فتكثير النسللن يتم إلا عن طريق الزواج، وهو من أهدافه الأساسية وفي مقابل تفشي ظاهرة العنوسةوكثرة العزاب تعطيل لهذا الهدف السامي وإخلال بمسار الحياة الاجتماعية الطبيعيةالتي ينبغي للفرد المسلم أن يعيشها وهناك بعض الدول الكبرى تعمل جاهدة على تكثيرنسلها لتحافظ على قوتها ومكانتها بين الدول بينما تقوم الدول الغربية بترويج موانعالحمل والدعاية لتحديد النسل في الدول المسلمة وذلك باتخاذ الكثير من الحجج الواهيةلإقناع أفراد الأمة المسلمة بذلك.
قصص من الواقع
إن ظاهرة البقاء دونزواج في مجتمعنا المسلم ظاهرة أصبحت ملموسة في الوقت الحاضر ويتضح أثرها جليًايومًا بعد يوم وبالرغم من وجود بعض الآثار السيئة التي أثرت على المجتمع عمومًا إلاأن الأثر يكون على أشده عند أصحاب الشأن وبالأخص عن النساء، وهذه بعض القصصالواقعية التي تحكي مرارة هذه المأساة:
1-تحكي عانس قصتها قائلة: إنها كانتترفض الخطاب أيام الدراسة، إلا أنها بعد الدراسة كانت في انتظار الزوج المناسب لها،غير أن الشباب عزفوا عنها، وانشغلت بأعمالها، ونسيت نفسها حتى وصلت إلى سن اليأسوفقدت إحساس الأمومة ومازالت نادمة عليه.
2-تروي آنسة أرملة مات زوجها بعدعقد القران عليها وتقول: إن موت زوجها حولها من فتاة خفيفة الظل إلى فتاة (وجهالنحس) عند كثير من الجهلة، يخاف منها الكبار والصغار ولم يتقدم أحد لخطبتها، وفقدتالأمل وتيبس شعورها وتحول العالم إلى كآبة مستمرة فعمرها واحد وأربعون عامًا ومنسيغامر ويتزوجها؟! (فأين دور المجتمع).
3-وتحكي أخرى قائلة: نشبت خلافاتبيني وبين زوجي بسبب إصراره على الزواج بأخرى ومعارضتي لهذه الفكرة، وغادر الزوجالمنزل وتركني وأولادي طوال شهر رمضان المبارك وأقام عند أمه وامتنع عن الاتصال بناحتى آخر يوم في رمضان ومن ثم أرسل لي ورقة الطلاق وأخبرني أنه تزوج من ابنة خالته،فسقطت مغشيًا علي.
4-المعلمة لطيفة محمد (43 سنة) تقول وهي تهز رأسها أسفًا: كانت خدعة... نعم، عشت خدعة أني لا يتقدم لي الرجال، إلى أن اكتشفت أن أبي سامحهالله هو السبب في عدم زواجي حتى الآن حينما تخرجت من المعهد وتوظفت وقبضت راتبيوأعطيته والدي كنت أرسم له خطًا يسير عليه طوال حياتي معه...
لقد عقد العزمونفذ ولم يأته خاطب إلا رفضه دون علمي لأعيش خدعة أني غير مرغوب فيَّ ويمر الزمنويغزو الشيب رأسي ويضيع العمر بسبب والدي.. سامحه الله.
رسالة إلى الفتاةالمسلمة
إن أمر تأخر الخاطب الكفء للمرأة يطول معه انتظارها ويترتب على ذلكأمور كثيرة لا تحمد عقباها للجميع، وكثير من النساء لا تعمل شيئًا لحل القضيةوتكتفي بقولها: ننتظر الرزق، فهل هذا الكلام صحيح مع عدم فعل الأسباب؟
أم لابدمن فعل الأسباب الصحيحة ومن ثم انتظار الرزق.
ولابد قبل فعل الأسباب وأثناءفعلها وبعدها من التوكل على الله وحده عز وجل في طلب حصول النفع ودفع الضرر وعدمالتوكل على غيره فإن التوكل على الأسباب شرك.
والأسباب التي يمكن للمرأة أنتعملها كثيرة وعديدة بعد الإيمان بالقضاء والتوكل على الله وحده وعدم تعلق القلببغيره.
يتبع..